قصص

قصة الدجال

قصة الدجال أوقات كتيرة بننسحل والدنيا بتاخدنا وبتسوي وشنا بالأرض، كل اللي كنت محتاجاه في الفترة دي كام يوم أجازة، عشان أغير جو وأفصل من ضغط الشغل والحكايات الصعبة اللي بغطيها كل يوم والتاني، بس كالعادة في كل مرة بطلب فيها أجازة بسمع نفس الجمل اللي بقيت حفظاها أكتر من اسمي…
-شغلك حلو يا يسر، انت مجتهدة يا يسر، مفيش رفاهية يا يسر، اللي زيك ماينفعش انه يقف وياخد نفسه يا يسر، لازم تكملي لأن طريقك طويل يا يسر… يسر يسر يسر، لما زهقت وكرهت اليوم اللي طلبت الأجازة فيه.
أصعب حاجة هي انك تحس نفسك طول الوقت في سبق، سبق طويل نفسك اتقطع في نصه بس مضطر للأسف تكمل عشان الطريق ده كان من اختيارك…
******
أنا يسر المحمدي صحفية وكنت بكتب مقالات سياسية في مجلات وجرايد من قبل ما أتخرج بس الحياة قبل التخرج حمادة وبعده حمادة تاني خالص، كنت قاعدة زهقانة عشان طلب الأجازة بتاعي اترفض، ضحكة المدير المستفزة وقتها ماكانتش راضية تروح من دماغي، بس لا لازم حل لكل اللي بيحصل ده، مش هينفع أفضل بجري هنا وهناك على الفاضي وأغطي قصص وحوادث صغيرة، لا أنا محتاجة حاجة تفرقع وتعملي اسم بسرعة أو على الأقل تطلعني تريند، أنا أبويا علمني قاعدة مهمة، ألا وهي اني لازم أدور على الخبر مش هو اللي يدور عليا، عشان كده فتحت كالعادة السوشال ميديا وخدت لفة سريعة عليها، كل الأخبار كانت عادية، وشبه بعضها مفيش فيها حاجة تشد، الا خبر واحد عن شاب متهم بممارسة السحر الأسود وهيتم إعدامه بعد كام يوم، ماكنش في تفاصيل كتيرة عن الموضوع، حتى اسم الشاب ده ماكنش مذكور في الخبر اللي كان أصلا مكون من 3 سطور…
الشاب ش.م مصري من مواليد الوراق، تم القاء القبض عليه بعد أنا قام جاره بتقديم بلاغ للسلطات يشير فيه أن المدعو ش.م يقوم بممارسة أعمال السحر الأسود…
كلام مبهم وغامض، ما أغلب البلد دجالين ونصابين وبيبيعوا الوهم للناس ومفيش حاجة بتجرالهم، اشمعنى ده؟ فضولي خدني وما أدراك فضولي بيسحلني معاه ازاي لما يشتغل، فضلت طول الليل سهرانة قدام اللاب توب بعمل حصر للمواقع اللي اتكلمت عن الخبر ده، ولحسن حظي بقى أو سميه لسوءه يعني مالقتش غير السايت ده اللي أتكلم عنه بايجاز شديد جدا، عشان كده تاني يوم الصبح خدت نفسي وطلعت على النيابة، وحرفيا طلع عيني على ما عرفت أقابل وكيل النيابة اللي على الرغم من انه أخو صاحبتي وعارفين بعض بس هو صعب شويتين وماعندوش يا اما ارحميني في الشغل، أول ما دخلت مكتبة بصلي بنفاذ صبر وقالي…
-يسر في مكتبي يبقى فيه مصيبه، خير يا يسر.
-كل خير يا افندم والله.
-لا يا افندم ايه بقى، اقعدي يا يسر اقعدي، هي شكلها هتبقى اصطباحه زي الفل، تشربي ايه؟
-مش عايزة أشرب حاجة، شكرا.
-وفرتي، خير بقى مالك؟
-عايزة أعرف كل حاجة عن قضية الشاب اللي هيتم إعدامه كمان كام يوم.
-انتي عارفة حكم الإعدام ده بيتنفذ في كام شاب عندنا في اليوم الواحد، ياريت تحددي بس انتي عايزة تعرفي تفاصيل عن مين بالظبط وأنا هساعدك؟
-هو مش مذكور اسمه في المقال، بس اختصاره ش.م قبضوا عليه عشان بيمارس السحر الأسود، جاره أصلا اللي بلغ عنه.
-تقصدي شريف منصور؟
-مش عارفة، اسمه ماكنش مكتوب.
-هو مفيش غيره بس انتي عرفتي الكلام ده منين، قضيته أصلا كان محظور فيها النشر وماحدش عرف حاجة، مصادرك بقت تخوف أوي يا يسر.
-لا أنا قريت الخبر على النت، هو اه ماكنش منشور غير في موقع واحد وبايجاز بس في حد أتكلم عنه.
-أيوه ازاي حصل كده؟
-معرفش والله..
-طيب وريني الخبر كده.
لحسن الحظ كنت حافظة اللينك في الإشارات المرجعية، فتحت المتصفح عشان أجيبه وأدخل عليه بس للأسف كل ما كنت بدوس عليه كان بيحولني لصفحة فاضية مفيش فيها غير كلمة (خطأ) كنت محرجة أوي ومش عارفة أتصرف ازاي أو أقول ايه، رفعت وشي وقولتله…
-في حاجة غلط اللينك مش بيفتح.
-هو في حاجة غلط فعلا، القضية دي سرية ماحدش أتكلم عنها فمش عارف انتي وصلك الكلام ده ازاي؟
-يمكن استخدم السحر مثلا.
-جرى ايه يا يسر سحر ايه اللي هيكتب مقال عن نفسه بيه على الهباب اللي بتقولي عليه ده.
-طيب بص أنا عندي اقتراح.
-ربنا يستر من اقتراحاتك بس قولي يمكن يجي منك حاجة المرة دي.
-كده أو كده أنا صحفية، وينفع أعمل معاه لقاء لأنه خلاص اتحكم عليه بالاعدام.
-وبعدين؟
-هحكيله اللي حصل عن المقال وأشوف رد فعله، أعتقد لو هو اللي عامل كده هيبقى متقبل الموضوع وفخور بانه نجح ولفت انتباه حد من اللي بره ليه عشان يساعده أو يتكلم عنه.
-ههههه ضحكتيني يا يسر وأنا ماليش نفس أضحك، بقولك القضية دي ممنوع نشر أي حاجة عنها، مستوعبة الفرق بين كلامي وكلامك.
-منا مش هنشر حاجة غير اللي تسمحلي بيه، احنا لازم نعرف الواد ده دجال بجد ولا حد من مكتب حضرتك بينقل الأخبار للصحافة بره، في الحالتين أنا بعمل لمصلحتك، ماتنساش انك أخو صاحبتي وانت اللي مربيني.
-أنا هنا وكيل نيابة يا يسر.
-حاضر يا سعادة وكيل النيابة، ايه رأيك في اقتراحي؟
– للأسف مضطر أوافق بس بشرط!
-شرط ايه؟ عاوز مني فلوس؟ عاوز رشوة؟!
-يسر اظبطي نفسك كده وبطلي تهريج.
-حاضر أنا آسفة.
-هتعملي اللقاء معاه في أوضة التحقيقات وأنا هسمع وأشوف كل حاجة من غير ما يعرف، احنا هندخلك ليه على انك صحفيه جايه تغطي خبر إعدامه وبتعملي معاه حوار وتسأليه الكام سؤال اللي بيشحتفوا الشخص الي قدامكم ده.
-ماشي تمام ماعنديش أي مشكلة.
-تمام جدا هخليهم يستدعوه حالا وانتي استعدي لو في أسئلة هتجهزيها ولا حاجة.
داس على الزرار اللي في جنب مكتبة وأول ما العسكري دخل قاله…
-هات شريف منصور من الزنزانة حالا.
بعد شوية العسكري دخل وقاله…
-المسجون بره يا أفندم.
-طيب دخله أوضة التحقيقات واحنا جايين.
بعدها بصلي وقالي…
-جاهزة يا يسر؟
-أيوه، جاهزة جدا يلا بينا.
دخلنا مكتب على جنب جواه أوضه صغيرة، قرب مني وقالي…
-لو حصل حاجة أو حسيتي انك مش مرتاحة اعملي أي إشارة واحنا هندخل ونخرجك.
-تمام حاضر.
دخلت أوضة التحقيقات لوحدي وشوفته لأول مرة قاعد على الترابيزة ومداري وشه، ده حتى مارفعش راسه عشان يشوف أنا مين، سحبت الكرسي وقعدت قدامه، أنا بعترف اني كنت خايفة، هدوءه وابتسامته الباردة كانت بتقولي انه عارف كل حاجة من غير ما أتكلم، بس ولو أنا مش هضيع الفرصة دي من ايدي لازم أطلع بأي حاجة منه، خبطت بالراحة على الترابيزة وعملت صوت، بس ولا الهوا برضه مارفعش وشه، واضح انه يا اما تقيل أوي يا زي ما توقعت هارش كل حاجة، كان لازم أقطع السكوت اللي مالوش مبرر ده فاتشجعت وقولتله…
-أنا اسمي يسر صحفية وقريت عنك مقال مبهم في وررد بريس مش معروفة ولما بحثت عنك مالقتش حد أتكلم على قضيتك، عشان كده جيت أسمعك وأعرف ايه حكايتك عشان أنقلها للناس.
ضحك بصوت عالي ورد عليا بتهكم…
-مجتهدة، عاوزة تعملي سبق صحفي، بس للأسف ماعنديش كلام أقوله، مجيتك لحد هنا مش هتفيدك.
-ايه اللي يخليك تقول كده، مش يمكن أقدر اساعدك.
-انتي؟ تساعديني! هما ماقالوش ليكي بره ان خلاص اتحكم عليا بالاعدام، وخلاص خلال كام يوم الحكم هيتنفذ.
-جرب أنت كده كده مش خسران، افتحلي قلبك واحكي اللي حصل، احساسي بيقولي انك مش دجال، انا قابلت العينة دي كتير وعارفة كل تفاصيلهم، انت شكلك طيب وابن حلال وحتى مش بتاع مشاكل.
-مفيش فايدة من كل اللي بتقوليه، انا واحد الموت عنده متساوي بالحياة.
-ماتيأسش من ربنا، هو قادر يغير حالك ويبدله، احكيلي وسيبها على الله.
-هحكيلك عشان فضولك، كده كده هما مش هيخلوكي تحكي الحقيقة.
-هما مين؟ مش فاهمة!
خد نفس عميق وقالي…
-ما علينا، خلينا دلوقتي في المهم، أنا يا… هو أنتي قولتيلي اسمك ايه؟
-اسمي يسر المحمدي صحفية في جريدة الهرم الخامس.
-طيب تشرفنا يا يسر، أنا بقى اسمي شريف منصور صيدلي، بدأت شغل لما جالي التعيين في بلد كده في الفلاحين، حته رخمة مفيش فيها نت تقدري تقولي إن حتى التليفون بيجيب شبكة بالعافية، أنا كنت المسؤل عن الصيدلية بتاعة المستشفى هناك، شغلي كان بيبدأ من تسعة بالليل لحد تسعة الصبح، وآه في ورديتين لأن المستشفى شغالة 24 ساعة، لحسن حظي اني كنت ماسك بالليل، الدنيا بتبقى خفيفة أوي ومفيش رجل داخلة وطالعة الا لو في حادثة قريبة من الطريق الدولي الساحلي ولا حاجة، ساعتها المستشفى بتتقلب، عدى شهرين كل حاجة فيهم كانت هادية ومستقرة معايا، بشتغل طول الليل وحتى لو مفيش شغل بقعد في الصيدلية مش بتحرك غير تاني يوم الصبح، وساعتها بروح السكن اللي مأجرة من شيخ الغفر في البلد هنا وبفضل قاعد لحد تاني يوم الصبح، مش بخرج ولا أعرف حد هنا، كبيري لو مخنوق أوي بنزل أقعد على القهوة مع ابن الراجل اللي مأجر منه، أنا فاكر كويس اننا كنا داخلين على العيد وماردوش يدوني أجازة، ساعتها كنت مضايق ومخنوق ومش شايف قدامي، عشان كده قررت أنزل أتمشى شوية وللأسف خدت طريق غير اللي متعود عليه وتوهت ومابقتش عارف ارجع إزاي لأن المكان من حواليا كان شبه فاضي من البني آدمين، يادوب اللي كان موجود مواشي، الكلام ده حصل بعد الضهر، ساعتها الشمس كانت حامية أوي، ظهرت قدامي من بعيد المقابر، ابتسمت بعفوية وقولت بس أكيد هناك هلاقي التربي وهو هيقولي أرجع عند المستشفى أو أروح عند بيت الحاج إبراهيم شيخ الغفر إزاي، وقفت قدام المقابر وبدأت أدور هنا وهناك، ماكنش في أثر لحد خالص، ناديت بصوت عالي وقولت…
-يا اهل الله ياللي هنا، في حد موجود؟
ماكنش في رد نهائي، عشان كده آخر ما زهقت خدت نفسي ولفيت عشان أرجع من نفس الطريق اللي جيت منه، بس أول ما لفيت بضهري سمعت صوت واحد تخين جاي من ورايا بيقولي…
-أنت مين وبتعمل ايه هنا؟ ايه اللي جابك المقابر؟؟
-أنا تايه وعاوز أرجع عند المستشفى أو أروح عند بيت شيخ الغفر.
-تايه! شحط زيك يتوه؟
-يا حج أنا بس عشان مش من هنا ودي أول مرة أمشي في البلد، يادوب أنا كنت المستشفى لبيت شيخ الغفر ومن بيته للمستشفى.
-وأنت بتعمل ايه في بلدنا يا غريب أنت؟
-أنا اللي ماسك الصيدلية بتاعة المستشفى في الشيفت المسائي.
-وايه اللي جابك هنا؟
كنت زهقان فقولت أتمشى شوية وفجأة بدون سابق انذار لقيت نفسي اتسحلت وبعدت عن الناس، ماحستش بحاجة غير وأنا وسط الغيطان وشايف المقابر قدامي، فقولت أقرب وأسأل الحارس اللي فيها ازاي ممكن أرجع.
-ممممم هدلك على الطريق بس بعد كده ماتمشيش في البلد لوحدك الا لو كنت عارف أنت رايح فين وجاي منين.
-كتر خيرك حاضر.
-هترجع لحد شجرة الجميز ومنها تكسر شمال وتفضل ماشي طوالي، هتطلع من جنب بيت شيخ البلد، وهتلاقي نفسك في المكان اللي أنت جيت منه.
-شكرا يا.. هو انت اسمك ايه؟
-محسوبك راضي.
-شكرا يا عم راضي، لو احتاجت أي حاجة من المستشفى أو الصيدلية ابقى تعالالي.
-تسلم ياابني.
مشيت في الطريق اللي وصفهولي عم راضي بالملي، والحمد لله لقيت نفسي طالع من جنب البيت اللي أنا ساكن فيه، أول ما وصلت عند البيت لقيت شيخ الغفر جاي عليا وبيقولي…
-كنت فين يا دكتور شريف، ده أنا قالب عليك الدنيا من ساعتها؟
-معلش، مجاليش نوم والله فقولت أتمشى شوية ورجلي خدتني بعيد وتوهت، لولا الراجل الطيب اللي في المقابر ماكنش زماني عرفت أرجع.
-راجل مين اللي في المقابر، قصدك بشندي، بس لا بشندي لسه شايفه في الجامع ساعة الصلاة.
-لا مش بشندي ده اسمه كان.. صابر، لا لا رامي باين، لا برضه افتكرت خلاص اسمه راضي، راضي.
-راضي! راضي ازاي؟
-هو ايه اللي ازاي، أنا لما سألته عن اسمه قال ان اسمه راضي.
-مممممم طيب اوصفهولي كده يا دكتور؟
-هو أبيضاني، وطول بعرض ولابس جلبية قديمة لونها رصاصي ومعاه عكاز شكله غريب ومشيته مش طبيعية ومناخيره تحسها معوجة، ماشفتوش قبل كده من أول ما جيت البلد.
– اللهم احفظنا، وده لو راضي بجد، ازاي سابك تمشي؟
-يعني ايه سابني أمشي ازاي؟
-يا ابني راضي ده ساحر ميت بقاله سنين وسنين.
-ميت! ميت ايه بس، بقولك شوفته وكلمته وهو اللي دلني على طريق الرجوع؟
-ما ده اللي يخوف في حكايتك اللي قولتها دي، راضي ماكنش بيطيق حد أصلا حتى ولاده، ده غير انه عمره ما ساعد حد، أنا مش بكدبك لأن في ناس قالوا انهم شافوه، بس كل اللي ظهر لهم راضي يا ماتوا وقتي قدامه من الخضة والخوف، يا بعد كام يوم بيموتوا نفسهم.
-تقصد انهم بينتحروا يعني!
-أيوه بالظبط كده، بينتحروا.
– بقولك ايه انت عاوز تخوفني وخلاص، أنا مش بآمن بالكلام ده ومش بصدق فيه، الراجل اللي شوفته ده كان واقف قدامي وبيكلمني زي ما بكلمك دلوقتي، ماكنش فيه حاجة غريبة تدل حتى على انه ميت.
-وأنا هخوفك ليه هو أنت عيل صغير وخرجت من البيت بالليل لوحدك، عمتا ماشي آديني حذرتك يا ابني من اللي هيجرالك وانت تصدق اوماتصدقش دي بتاعتك، المهم نسيت أقولك انهم باعتين من المستشفى عاوزينك تروحلهم ضروري.
-باعتينلي ليه هم كمان، يا ترى هيعوزوا مني ايه؟
-أنا كلمت العمدة يتوسطلك عشان تاخد أجازة وتقضي أول وتاني يوم في العيد وسط أهلك وحبايبك ولو اني والله كنت أحب انك تقضيه معانا هنا وفي وسطنا وتاخد علينا بس يالا مش عاوزينك تفضل غصب.
-يعني الاجازة اللي كنت مقدم عليه اتقبلت؟
-ايوه ولما تروح المستشفى هيبلغوك وتمضي وتمشي كمان.
الدنيا ماكنتش سيعاني من الفرح، ماكدبتش خبر، سيبته واقف مكانه واستأذنته وطلعت على المستشفى وهناك فعلا اتأكدت من كلامه اللي قاله بخصوص الأجازة، وساعتها رجعت على السكن حضرت شنطتي وخدتها ونزلت سلمت عليه وشكرته وروحت عشان أركب، طلع عيني على مالقيت مواصلة تخرجني من البلد، ووصلت بيتنا أخيرا في القاهرة بعد ست ساعات من السفر والشقا والمرمطة، أول ما دخلت من باب البيت، سجدت لربنا وشكرته اني أخيرا هبعد عن كل الوش والجهل ده حتى ولو لأيام، امي ماكنتش تعرف اني نازل أجازة، اتفاجئت بيا لما لقتني قدامها وقالتلي…
-شريف، وحشتني يا ضنايا ، انت نزلت ازاي مش كنت بتقول ماينفعش تاخد أجازة!
-أهو ياست الكل اللي حصل بقى، العمدة بتاع البلد وشيخ الغفر اتوسطولي وخدت أجازة.
-ربنا يحبب فيك خلقه ويوقفلك ولاد الحلال في طريقك دايما، طيب يالا ادخل يا حبيبي أوضتك وغير هدومك وخدلك دوش دافي على ما أكون جهزتلك الأكل زمانك جعان يا حبة عين أمك.
-والله يا ماما مهما أكلت هناك طعم أكلك دايما يكسب، رغم ان أكلهم بيعملوه بالزبدة الفلاحي وبتاع الا أنك تكسب يا جميل.
-بطل بكش وادخل يلا وأنا أول ما أخلص هنادي عليك.
-حاضر يا ست الكل.
قولتلها الجملة دي وشيلت شنطتي من على الأرض ودخلت بيها أوضتي وركنتها وطلعت هدوم نضيفة من الدولاب وخدتها ودخلت الحمام، تفاصيل بيتنا كلها وحشاني يا أخي، الواحد كان منفي مش عايش، استنيت دقيقتين على ما المايه تسخن، ووقفت ساعتها قدام المراية المتعلقة فوق الحوض وقولت أظبط دقني، احنا داخلين على عيد بقى وكده، وأول ما شغلت المكنة لمحت حد واقف ورايا، في الأول اتخضيت ولفيت بعصبية وأنا بقول…
-ايه يا ماما من امتى بتد…
قطعت كلامي لأن ماكنش في حد ورايا وحتى باب الحمام كان مقفول، وقفت شوية متنح، وبعد كام ثانية بلعت ريقي ونجحت أقنع نفسي انها تهيؤات مش أكتر، عشان كده رجعت تاني مسكت المكنة وبدأت أحلق، من وقت للتاني كنت ببص ورايا بخوف، لحد ما فجأة المكنة وقفت لوحدها وهي في ايدي ونور الحمام انطفى، ومرة واحدة سمعت صرخة جت من ورايا جمدت الدم في عروقي، وخلت جسمي كله سايب لدرجة اني وقعت على الأرض، وماكنتش قادر آخد أي رد فعل أو حتى أقاوم، ناديت على أمي عشان كنت مفكر انها هي اللي طفت نور الحمام عليا من غير ما تاخد بالها، بس لا ماكنش في رد، ساعتها لفت نظري النور الأحمر اللي في الحمام، أيوه كان في نور أحمر زي الليزر كده بيتحرك، جسمي اتنفض وماكنتش قادر أسيطر على نفسي ولا متقبل كل اللي بيحصل معايا ده، حاولت أقرأ أي حاجة من اللي كنت حافظها، بس قرآن ايه اللي هقراه في الحمام هو ناقصني أتلبس كمان، فضلت متكوم مكاني والنور الأحمر بيحوم حواليا، لحد ما سمعت خبط ضعيف على باب الحمام ومعاه صوت جاي من بعيد أوي بينادي عليا…
-شريف يا شريف.. ياابني انت كويس!
كنت حاسس اني بغرق ومش قادر آخد نفسي والميه محوطاني من كل ناحيه وبتشدني لتحت، حاولت أفتح عيني بس ماكنتش قادر، الصوت اللي كان بينادي عليا بيروح ويجي، استجمعت قوتي أخيرا وفتحت عيني وقومت وأنا ببص حواليا ومستغرب… أنا ايه اللي جابني البانيو، فضلت أكح غصب عني وأنا مش فاهم ايه اللي جرى، نور الحمام كان شغال وأنا كنت نايم في البانيو اللي مليان مايه وتقريبا نعست وكنت هغرق وأموت، بصيت على باب الحمام وخدت بالي ساعتها إن لا فيه خبط عليه ولا سامع صوت حد بينادي أصلا، خرجت من البانيو بالراحة عشان كنت خايف أتزحلق، شديت هدومي ولبستها وطلعت وأنا بنادي على أمي، دخلت المطبخ لقيتها واقفة مندمجة أوي مع أغنية عبدالحليم، ضحكتها لما شافتني نستني كل الخوف والقلق اللي كنت حاسس بيه، ده أنا حتى لفيت وشي ومشيت من غير ما أتكلم، أصل صحيح هتكلم أقول ايه أنا أصلا مش فاهم اللي حصل ولا عارف هو كان بجد ولا مجرد كابوس وقعت فيه لما عيني غفلت وأنا نايم في البانيو، يلا ما علينا المهم اني بخير، قعدت في الصالة شوية لحد ما لقيتها خارجة من المطبخ وبتحضر السفرة، ساعتها قومت من مكاني وساعدتها وقعدنا سوا وبصيت للاطباق وقولتلها…
-هو مش جاي برضه؟
-لا من يوم ما سلم عليك وهو عندها، ما جاش ولا شوفت وشه.
-معقوله ده أنا موصيه عليكي، مش عارف ازاي بابا بقى قاسي بالشكل ده؟
-مش قسوة يا حبيبي، ده الغربال الجديد ليه شدة.
-مسيرة يزهق ويرجعلك كالعادة.
-أو مايرجعش مابقاش فارق يا حبيبي، غياب أبوك متساوي بوجوده عندي.
انشغلنا في الأكل ولما خلصنا وقفت جنبها وهي بتروق المطبخ عشان أعملنا كوبايتين شاي، ماحستش بيها وهي بتنادي عليا الا لما شدتني بعيد، ساعتها بس فتحت عينيا على آخرها من الخضة، لما لقيت النار ماسكه في ايد البراد، كنت واقف مش فاهم ايه اللي حصل أنا كنت موطي النار ايه اللي علاها كده، اتصرفت هي أسرع مني وقفلت المحبس بتاع الغاز وعين البتوجاز ورمت قماشه مبوله مايه على البراد، النار انطفت بس اللي حصل عمل ريحه وحشة أوي، فضلت أكح وماكنتش قادر أتنفس، سحبتني بره المطبخ وهي بتقولي…
-ايه يا شريف يا حبيبي، قولتلك كذا مرة وطي النار وأنت ولا هنا، كنت هتولع فينا يا ابني.
-ماعلش يا ماما كنت سرحان وما أخدتش بالي.
-ولا يهمك يا حبيبي، بس ايه اللي شاغلك أوي كده.
-ولا حاجة بس المكان اللي بشتغل فيه قلبي مقبوض منه أوي يا أمي، حاسس ان في حاجة غلط بس مش عارف ايه هيه.
-ربنا يريح قلبك ويطمني عليك يا ضنايا وتبعد عن البلد الهم دي بأي طريقة.
– يا رب يا ست الكل.
-هقوم أكمل ترويق المطبخ وأعملنا كوبايتين شاي تانيين.
-لا ماتعمليش حسابي بقى أنا هحاول أنام شوية، لو شربت الشاي مش هعرف أفصل وهطبق.
-ماشي خلاص ادخل ارتاح.
قامت ودخلت المطبخ وأنا قاعد لسه في مكاني، مسكت الموبايل وعملته وضع الطيران ودخلت أوضتي، رميته على السرير ومددت جسمي جنبه، على غير العادة روحت في النوم بسرعة يمكن من كتر الإرهاق والتعب اللي كنت فيه.
******
كنت واقف في مكان ضلمه، أرضيته طينة ومبلوله، حسيت بده لأني كنت حافي، اتلفت حواليا على أمل اني الآقي ولو نور ضعيف حتى يوضحلي أنا فين، بس للأسف ساعتها سمعت صوت حد بيلف حواليا وبيقول…
-ملهاش مخرج، أنت دخلت برجليك وماحدش جرك، اياك تحاول تهرب لأن الهروب هيكلفك روحك وروح اللي حواليك، كمل لحد ما تنفذ المطلوب و….
خوفت من الضلمة ومن الصوت والتهديد، عشان كده جريت وماكنتش عارف أنا رايح فين؟ بس كنت عاوز أهرب وخلاص بس ساعتها…
******
فوقت من النوم وأنا مخضوض وبقول…
-لااااااااا.
باب أوضتي اتفتح وأمي دخلت تجري عليا…
-مالك يا شريف في ايه، انت كويس؟
-كابوس، كابوس فظيع يا أمي.
-طيب استعيذ بالله كده واهدى، ماتقلقنيش عليك، أقولك تعالى أوديك لحد يرقيك، وهنروح بعيد ليه، أنا هكلم جوز خالتك يجي يرقيك، يمكن اللي انت فيه ده حسد أو عين يا ضنايا، فعلا سابتني وخرجت بره الأوضة، كنت سامعها بتكلم خالتو في التليفون وبعد شوية دخلت عليا وهي مبتسمة وبتقولي…
-هيصلي العصر ويجي يشوفك، ان شاء الله خير ماتشيلش هم.
فضلت قاعدة معايا من الضهر لحد العصر ولما جه سابتنا ودخلت المطبخ عشان تديني فرصة أتكلم معاه براحتي، هي عارفة اني مخبي عليها حاجة فسابتني معاه عشان أحكيله براحتي، وفعلا طلبت منه يقفل الباب وحكيتله كل اللي حصل، بس هو ابتسم وقالي…
-انت مش محافظ على الأذكار بتاعتك وبتلخبط في الصلاة؟
-محافظ عليها طبعا ومنتظم جدا في الصلاة.
-طيب خلاص، هرقيك دلوقتي ولو الموضوع اتطور أو اتكرر ما تكسلش وكلمني على طول وان شاء الله خير.
-مش عارف أقولك ايه؟
-ماتقولش انت في مقام ابني وعشان كده مش هقول لوالدتك على حاجة، عشان عارف ان بالها هيفضل مشغول عليك وهتفضل مضايقة وقلقانة.
-كنت لسه هطلب منك انك ماتحكيلهاش.
-من غير ما تقول، لا أمك ولا خالتك هيعرفوا حاجة عن الموضوع خالص، وانت شد حيلك كده وقوم اتوضى وصلي ركعتين لله، أيا كانت الحالة اللي انت فيها فأنت في معية ربنا وأقوى عشان هو معاك وحافظك.
كلامه ريحني وهداني، حسيت بسكينة وراحة غريبة أوي، بعد مامشى فعلا قومت اتوضيت وصليت وقعدت أقرا قرآن شوية، من بعدها الدنيا هديت معايا بتاع أسبوعين، كنت مفكر ان حالتي هتسوء لما أرجع البلد، بس سبحان الله مفيش حاجة حصلت، لحد ما في يوم وأنا قاعد سمعت صوت واحد عجوز واقف قدام الشباك اللي بنصرفوا منه الدوا وبيقولي بصوت تعبان…
-هاتلي يا ابني العلاج ده.
مديت ايدي وخدت الروشتة من غير ما أبصله، وقومت من مكاني وبصيت في الروشته عشان أقرأ اسم الدوا بس للأسف كان في كلام غريب هو للي مكتوب فقولتله وأنا مكمل بحلقه في الروشته اللي كانت عبارة عن ورقا بيضة فاضية مفيش فيها لا اسم دكتور ولا عنوان…
-هو انت كاشف عند مين يا حج وتخصص ايه، أصل أنا مش فاهم اللي مكتوب ده ايه بصراحة هو نوع دوا جديد ولا ايه؟
ماكنش في رد، فلفيت وأنا بقوله…
-يا حج هو أنت …
بصيت يمين وشمال وأنا بضرب كف بكف ومش فاهم الراجل ده راح فين، خرجت من الصيدلية وقفلت الباب ورايا واتمشيت شويه في الطرقة لحد ما وصلت للحارس اللي كان قاعد على الباب، هو أول ما شافني وقف وقالي…
-مالك يا دكتور شريف محتاج حاجة؟
-والله في راجل كده جه واداني الورقة دي وقالي انه محتاج الدوا اللي فيها بس أنا مافهمتش ايه ده ولما جيت أسأله عن الدكتور اللي كاتبها مالقتهوش قدامي عشان كده خرجت أدور عليه.
– كان لابس ايه طيب وأنا هساعدك؟
-ماعرفش أنا مابصتلوش أصلا أنا سحبت من ايده الروشته وقومت عشان اجبهاله.
-طيب وريني الروشته كده يمكن اعرف بتاعة مين؟
-هي مش روشته أوي يعني، دي حته ورقه بيضا معفنة كده، مديت ايدي في جيب البالطو وطلعتهاله.
وده أول ما شافها وشه حرفيا احمر وحسيته مش قادر يتكلم، بعد ايده عنها ورفض يمسكها وفضل مبرقلي، ساعتها هزيت راسي باستنكار وأنا بقوله…
-مالك في ايه أنت كمان؟
فضل يتلجلج في الكلام وكان شكله مش مجمع، بصيتله بنفاذ صبر وسيبته ورجعت الصيدلية وساعتها لقيت الباب اللي قافلة بايديا متوارب، دخلت وأنا قلقان ومتوتر، ماحدش معاه المفتاح غيري، معقول الدكتور اللي بيجي الصبح هنا، طيب ليه!
دخلت ولسه هدور لقيت واحد واقف ولابس جلابية، كان مديني ضهره، ناديت عليه وقولتله..
-انت يا حج بتعمل ايه عندك مش مسموحلك تدخل هنا، هو انت بتاع الروشتة دي؟
لفلي وشه بالراحة وياريته ما لف، كان هو أيوه زي ما توقعت كده.. كان راضي اللي شوفته في المقابر وشيخ الغفر قالي ان ماحدش بيعيش لما بيشوفه، بس غريبة منا عيشت وشوفته تاني أهو قدامي، يمكن جاي المرة دي عشان ياخد روحي، بلعت ريقي بخوف وأنا بقوله…
-أنت مين وبتعمل ايه هنا؟ ودخلت ازاي انا متأكد اني قفلت الباب ورايا لما خرجت.
-أنا مين؟ ازاي دي مش أول مرة نتقابل فيها، نسيتني! معقولة.
اتكلمت بانفعال مصطنع عشان أبينله اني مش خايف منه وقولتله…
-أنت مين، انطق والا هجبلك الأمن يطردك بره؟!
-أمن هأو انت بتسمي الشملول اللي بره ده أمن! ده لو شافني هيطب ساكت، بلا هم.
-مش فاهم انت مين وعاوز مني ايه؟
-كله بأوانة أنا جيت بس أشقر عليك وأشوفك كويس ولا لا.
فجأة الباب اتفتح وقبل ما ألتفت بوشي عشان أشوف مين اللي دخل، كان اللي دخل أسرع مني وخبطني بحاجة على دماغي، ساعتها الدنيا لفت بيا وأغمى عليا ووقعت فاقد وعي.
******
كنت حاسس بألم رهيب في دماغي ماكنتش عارف أستحمله، حاولت أحط ايدي على مكان الوجع، بس ايدي كانت متكتفة ومش بتتحرك، فتحت عينيا بضعف وبصيت حواليا بخوف، ماكنتش عارف ايه اللي بيحصل حواليا، المكان كان شبه ضلمة وريحته وحشة أوي، بس فجأة سمعت صوت همس حواليا بيردد اسمي…
-شريف.. شريف.
بلعت ريقي بخوف ورديت عليه بتوتر…
-مين؟ أنت مين وعاوز ايه؟
-أنا مش عاوز أنت اللي عاوز.
-أنا! هو أنا أعرفك أصلا.
– هنتقابل قريب وهتعرفني وهنتكلم وش لوش كمان.
-أنت مين وأنا هنا بعمل ايه؟ رد عليا، ماتسبنيش كده.
صرخت بعلو صوتي وأنا بقوله ماتسبنيش هناااااا.
******
وساعتها قومت من النوم مخضوض وجسمي كله بيصب عرق، بصيت حواليا برعب لقيت نفسي في أوضة حيطانها بيضا ومتركب في ايدي محاليل، فهمت اني في المستشفى لما الدكتور دخل هو والممرضة وقالي…
-حمد لله على سلامتك يا شريف، ايه اللي حصل؟
-أنا مش عارف أي اللي حصل أصلا، إيه اللي جابني هنا؟
-حارس الأمن قال انه لقاك واقع في الممر اللي بيودي على الصيدلية فنادى على الممرضين وجابوك هنا، عملنالك اللازم وركبنالك محاليل عشان نظبط ضغطك.
متشكر جدا يا دكتور على تعبكم معايا.
-لا تعب ولا حاجة أنا هقيسلك الضغط ونطمن عليك دلوقتي وتقدر تروح البيت ترتاح شوية لحد بكره وتيجي الشغل بعد كده عادي.
-تمام، متشكر جدا لحضرتك.
بعد ما كشف عليا وطمني ان ضغطي دلوقتي بقى مظبوط، خدت نفسي وقررت أروح، بس وأنا خارج قابلت حارس الأمن، اللي أول ما شافني نزل عينه في الأرض، قربت منه وقولتله…
-أنا مش عارف أقولك شكرا ولا أسألك ليه اتخضيت من الورقة واللي مكتوب فيها.
-بصراحة كدة يا ابني، الكتابة دي والعياذ بالله كانت طلاسم.
-طلاسم يعني ايه؟
-معرفش بس كان مرة مراتي عملالي حجاب عشان ماتجوزش عليها وكان في كلام زي ده، لما لقيته غضبت منها وخدته ووديته لشيخ وهو اللي قالي انها طلاسم ورموز بيحضروا بيها الشيطان.
كان في ف دماغي مليون سؤال بس مش لاقي إجابة واحدة، عشان كده، طلعت من المستشفى ودورت على شيخ الغفر بس ساعتها عرفت انه مش في البلد، فروحت السكن اللي كنت قاعد فيه، حاولت أصفي ذهني وأنام عشان أرتاح شوية بس كل محاولاتي كانت فاشلة.
******
أخيرا شوفت نفسي واقف في بيتنا القديم تحديدا في الصالة اللي في وش الحمام، كنت باصص لحاجة جوه مع انه باين انه فاضي وساعتها سمعت حركة غريبة، التفت بسرعة فلقيته واقف ورايا، ماكنتش عارف أبلع ريقي ولا آخد أي رد فعل، ماكنتش قادر حتى أفكر، إحساس الخوف كان مكتفني بس ساعتها هو أتكلم وقالي…
– قدامك حلين مالهمش تالت، يا ترفض طلبي وتحكم على نفسك أنت وعيلتك بالموت بأبشع الطرق أو… أو تنفذ وتبقى خادم مطيع.
– موافق.
-من غير ما تعرف طلبي ايه؟
-أنا أهم حاجة عندي ان أهلي ما يتأذوش، مستعد أنفذلك أي حاجة بقى.
ومن ساعتها وأنا ورثت أعماله القذرة الي كان بيعملها، أيوه أنا دجال وبمارس السحر، بس صدقيني مش بارادتي، راضي روحه كانت متعلقه بالعهد اللي بينه وبين الخادم اللي معاه وعشان يسيبه يرتاح كان لازم حد يكون معون ليهم بداله وهو اختارني والسواد اللي أنا فيه ده بقى جزء من نصيبي، عارفة أكتر حاجة حازة في نفسي ايه، اني كنت خايف ومفكر اني كده بعمل حساب لبكره وبهرب من المواجهة، بس كانت بتتأجل مش أكتر، انتي مش متخيلة نظرة الحسرة اللي شوفتها في عين أمي يوم المحكمة، اتمنيت الموت ألف مرة ولا اني أحطها في موقف زي ده، عمتا خير كلها كام يوم وترتاح مني، بس تفتكري العار اللي كنت السبب فيه ليهم الناس هتنساه، هينسوا ان شريف منصور الصيدلي المتعلم اتقبض عليه وهو بيمارس أعمال دجل وشعوذة، طب عارفة أنا عمري ما أذيت حد، كنت بعملهم اللي جايين عشانه وفي سري بدعيلهم بصلاح الحال والهداية، أصلهم بره الدايرة ومخيرين، أما أنا فجواها ومجبر، كان في فرق شاسع بينا، زي ما في فرق كده بيني وبينك، تفتكري المقال اللي شوفتيه صدفة، أكيد لا كل حاجة مترتبة، حكايتي لازم تتعرف وأمي نفسها تعرف اني مش شخص وحش وان تربيتها مارحتش هدر، أرجوكي وصليلها الكلام ده ضروري حتى لو مش هتنشريه.
خلصت كلام معاه ودخلت لوائل وكيل النيابة، كان باين اني متأثرة أوي، فقالي…
-بصي أنا عارف اننا مش هنخلص، انشري الحكاية يا يسر، بس حاولي تلغوشي على الموضوع، غيري أسامي وأحداث من غير ما تبوظي الدنيا وتعكيها على نفسك وعليا.
شكرته جدا وخرجت من مكتبة على البيت على طول كتبت القصة وبعتها للنشر وأنا من جوايا بتمني من كل قلبي ان تحصل أي معجزة تنقذ شريف من حكم الإعدام اللي تقريبا فاضل عليه يومين ويتنفذ، بس عارف بعد القصة ما اتنشرت في حاجة غريبة حصلت، ناس كتير كلمتني وحكتلي مواقف كتيرة كلها بتدور حوالين راضي، كل الناس دي أجمعت ان فيهم اللي شافه وفيهم اللي كلمه واتفتح قدامي سؤال جديد مالوش إجابة عندي، هو ايه حكاية راضي وهل كان دجال عادي ولا ايه دنيته.
تمت بحمد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى